الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف
.ذِكْرُ تَقْمِيمِ الْمَسَاجِدِ وَالْتِقَاطِ الْعِيدَانِ وَالْخِرَقِ مِنْهَا وَتَنْظِيفِهَا: 2513- حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: فَقَدَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَاءَ كَانَتْ تَلْقُطُ الْخِرَقَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى. .ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ عَلَى نَاشِدِ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ لَا يُؤَدِّيَهَا اللهُ إِلَيْهِ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى إِثْبَاتِ النَّهْيِ عَنْ نَشْدِ الضَّوَالِّ فِي الْمَسَاجِدِ: .ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْمَسَاجِدِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِذْ نَهَى عَنِ الْبَيْعِ وَالشِّرَى فِي الْمَسْجِدِ، فَفِي مَعْنَاهُ أَبْوَابُ الْمَكَاسِبِ كُلُّهَا، كَانَ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ يَكْرَهَانِ لِلْخَيَّاطِينَ الْخِيَاطَةَ فِي الْمَسْجِدِ، وَسَهَّلَ أَحْمَدُ فِي الْكِتَابِ فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا فَرْقَ بَيْنَ كَسْبِ الْخَيَّاطِ وَكَسْبِ الْوَرَّاقِ. .ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالدُّعَاءِ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ لَا تُرْبِحَ تِجَارَتُهُمَا: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقَوْلُهُ: لَا أَرْبَحَ اللهُ تِجَارَتَكَ يَدُلُّ عَلَى إِجَازَةِ الْبَيْعِ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُنْشَدَ الشِّعْرُ فِي الْمَسْجِدِ، دَلَّ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَمَّا أَبَاحَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ أَنْ يَهْجُوَ الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّ الشِّعْرَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ أَنْ يُنْشَدَ فِي الْمَسْجِدِ الْقُبْحُ مِنْهُ دُونَ الْحَسَنِ إِذْ مِنَ الشِّعْرِ حَسَنٌ وَقَبِيحٌ فَأَبَاحَ مِنْهُ الْحَسَنَ وَنَهَى عَنِ الْقَبِيحِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ حَسَّانَ إِنَّمَا كَانَ يَهْجُو الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَسْجِدِ، فَدَعَا أَنْ يُؤَيَّدَ بِرُوحِ الْقُدُسِ مَادَامَ مُجِيبًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 2517- أَخْبَرَنَا حَاتِمُ بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ الْحُمَيْدِيَّ، حَدَّثَهُمْ قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا الزُّهْرِيُّ، وَسَمِعْنَاهُ مِنْهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، مَرَّ بِحَسَّانَ وَهُوَ يَنْشُدُ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَحَظَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَنْشُدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ أَسَمِعْتَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَجِبْ عَنِّي، اللهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ؟» قَالَ: نَعَمْ. .ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا لَمْ يُدْفَنْ: .ذِكْرُ الْأَمْرِ بِدَفْنِ الْبُزَاقِ لِيَكُونَ كَفَّارَةَ الْبَزْقِ: .ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِعْمَاقِ الْحَفْرِ لِيُدْفَنَ فِيهِ النُّخَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ: .ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا أَمَرَ بِدَفْنِ النُّخَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَيَدُلُّ قَوْلُهُ هَذَا عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَمَرَ بِدَفْنِهَا لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِهَا مُؤْمِنٌ أَنْ يُصِيبَ جِلْدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ. .ذِكْرُ حَكِّ النُّخَامَةِ مِنْ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ: .ذِكْرُ النَّهْيِ عَنِ الْمُرُورِ بِالسِّهَامِ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ عَلَى نُصُولِهَا: 2524- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ مَرَّ بِأَسْهُمٍ فِي الْمَسْجِدِ: «امْسِكْ بِنِصَالِهَا»، قَالَ: نَعَمْ. .ذِكْرُ النَّهْيِ عَنْ إِيطَانِ الرَّجُلِ الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ سَبَقَ إِلَى مَكَانٍ مِنَ الْمَسْجِدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مَادَامَ ثَابِتًا فِيهِ، فَإِذَا زَالَ عَنْهُ زَالَ حَقُّهُ، إِذْ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَقَّ بِهِ مِنْ أَحَدٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18] الْآَيَةَ، وَقَالَ: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 18]. .ذِكْرُ الصَّلَاةِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ الْجُلُوسُ إِذْ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الْمَسَاجِدِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذَا الْأَمْرُ مِنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرُ نَدْبٍ، لَا أَمْرُ وَاجِبٍ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَعْرَابِيِّ حَيْثُ ذَكَرَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ. .ذِكْرُ كَرَاهِيَةِ الْمُرُورِ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا: .ذِكْرُ اخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي دُخُولِ الْجُنُبِ أَوِ الْحَائِضِ الْمَسْجِدَ وَجُلُوسِهِمَا فِيهِ: 2528- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] الْآَيَةَ قَالَ: لَا تَدْخُلِ الْمَسْجِدَ وَأَنْتَ جُنُبٌ، إِلَّا وَأَنْتَ عَابِرُ سَبِيلٍ، إِلَّا وَأَنْتَ مَارٌّ فِيهِ. 2529- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَمُرَّ فِي الْمَسْجِدِ مُجْتَازًا، وَلَا أَعْلَمُ إِلَّا قَالَ: {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ وَكَانَ الْحَسَنُ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تَمُرَّ الْحَائِضُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا تَقْعُدَ فِيهِ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: لَا يَدْخُلِ الْجُنُبُ الْمَسْجِدَ إِلَّا عَابِرَ سَبِيلٍ، وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا مُجْتَازًا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا يَمُرُّ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ وَيَقْعُدُ فِيهِ، رُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَنِبُونَ وَهُمْ جُنُبٌ فِي الْمَسْجِدِ. 2530- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجُنَيْدِ الدَّقَّاقُ، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَنِبُونَ وَهُمْ جُنُبٌ فِي الْمَسْجِدِ. 2531- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] الْآَيَةَ قَالَ: هُوَ الْمُسَافِرُ. 2532- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ لَاحِقِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَهُوَ أَبُو مِجْلَزٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، كَانَ يَتَأَوَّلُهَا: {وَلَا جُنُبًا} [النساء: 43] إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ يَقُولُ: تَحْرِيمُهَا أَنْ لَا يَقْرَبَ الصَّلَاةَ وَهُوَ جُنُبٌ إِلَّا وَهُوَ مُسَافِرٌ، لَا يَجِدُ مَاءً، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي. 2533- حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَلِيٍّ، فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] قَالَ: لَا يَقْرَبُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا يُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُولُ: يَجْلِسُ الْجُنُبُ فِي الْمَسْجِدِ، وَيَمُرُّ فِيهِ إِذَا تَوَضَّأَ. وَكَذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ: وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمُرَخِّصِينَ لِلْجُنُبِ فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالْمُقَامِ فِيهِ بِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ. 2534- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثنا مُسَدَّدٌ، قَالَ: ثنا يَحْيَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُ فَأَهْوَى إِلَيْهِ، فَقَالَ: إِنِّي جُنُبٌ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ» وَإِذَا كَانَ الْمُسْلِمُ لَيْسَ بِنَجَسٍ فَهُوَ طَاهِرٌ كَحَالَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُجْنِبَ، غَيْرَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاغْتِسَالِ عِبَادَةً، يَعْبُدُ اللهَ بِهَا عِبَادَةً، وَكَمَا أُمِرَ مَنْ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ رِيحٌ أَنْ يَغْسِلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ، وَهُوَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ طَاهِرُ الْأَعْضَاءِ، غَيْرَ أَنَّهُ مُتَعَبِّدٌ بِالطَّهَارَةِ كَمَا تَعَبَّدَ الْجُنُبُ بِالِاغْتِسَالِ، وَإِذَا قَالَ مَنْ خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ: إِنَّ الْمُشْرِكَ يَدْخُلُ الْمَسَاجِدَ غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَهُمْ مُشْرِكُونَ نَزَلُوا الْمَسْجِدَ، وَدَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، كَالْمُسْلِمِ الْجُنُبِ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ الطَّهَارَةُ بِخَبَرِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ فِي قَوْلِ اللهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] الْآَيَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجُنُبَ لَا يَجْلِسُ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ بِمَذْكُورٍ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ، فَيَكُونُ آخِرُ الْآيَةِ عَائِدًا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتِ الصَّلَاةُ، فَالصَّلَاةُ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَقْرَبَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَابِرَ سَبِيلٍ مُسَافِرًا لَا يَجِدُ مَاءً، فَيَتَيَمَّمُ صَعِيدًا طَيِّبًا. وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ أَنَّهُمْ رَأَوْا تَأْوِيلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] مُسَافِرِينَ لَا يَجِدُونَ مَاءً، رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43] قَالَ: لَا يَقْرَبُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا، يُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ، وَلَا يَجِدُ الْمَاءَ، فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ أَسَانِيدِهَا فِيمَا مَضَى، وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ كَرِهَ دُخُولَ الْجُنُبِ الْمَسْجِدَ حَدِيثًا. 2535- حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَفْلَتُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي جَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبُيُوتُ أَصْحَابِهِ شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ». ثُمَّ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَصْنَعِ الْقَوْمُ شَيْئًا رَجَاءَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ رُخْصَةٌ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ بَعْدُ، فَقَالَ: «وَجِّهُوا هَذِهِ الْبُيُوتَ عَنِ الْمَسْجِدِ، فَإِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَفْلَتُ عِنْدَهُمْ، وَيَبْطُلُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَنْ يَقُومَ هَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةً.
|